الخميس، 10 يناير 2013

مقدمة


بإسمك اللهم :

إن انشطار الإسلاميين بين معارض للنظام جملة وتفصيلا ،وبين مساند له مع بعض التحفظات : له من المحاسن ما له من المساوئ :
ــــ فالجماعات المعارضة المنادية بقومة عارمة ضد كل العلمانية لها منطقها الذي وإن كان غير منصف في إطلاقه.. ويميل للنهي عن المنكر أكثر من أمره بالمعروف بالتي هي أحسن .. فإن ثورية أتباعه أربكت العديد من الأنظمة العربية وجعلتها تفتح كل أبواب الديمقراطية أمام الحركات الإسلامية « المعتدلة » وهذا مكسب لم يكن ليتحقق لولا النغمة الثورية للمعارضة الإسلامية خصوصا ضد كل ما هو مستورد ويناقض البديل الإسلامي ..أما سلبياتها فعديدة منها الثقافة المتموقفة بشعارات لاتنصف حسنات الأنظمة وتنادي بانقلاب شامل على كل النظم العلمانية رافضة لها دون قيد أو شرط....
ـــ أما الحركات المساندة مع بعض التحفظات فقد حققت العديد من الحسنات منها :
· الإعتدال في التربية
· الرؤى الواعية بالواقع والإحتكاك سياسيا بالمجتمع كله
· إنصاف حسنات العلمانية
· الوعي التاريخي والحضاري لحركيتها
· تحقيقها للعديد من المكاسب الخيرية والإجتماعية والثقافية
· كفاءتها في منافسة الأحزاب العلمانية رغم جنينيتها
· تربيتها الحضارية للمنتمين لها
· إختراقها للفكر العلماني بكل مؤسساته
لكن يلزمها الحذر الكبير حتى لاتسقط في حبال السياسات الرسمية وتتحول إلى جماعات عميلة ضدالحركات المنادية بالقومة ، ولهذا فإنها تعد لبنة مهمة في تلاحم جسم الحركات الإسلامية أولا ثم تهييء البديل الواقعي والحضاري لأزمتنا النظامية الحالية إسلاميا .
فقد تشعبت إذن الإجتهادات حول :
ـ الدعوة للشريعة الإسلامية بأسلوب ساخن
ـ وحول الدعوة لتحقيق ظروفها بأسلوب هادئ
فكان هناك تيار انقلابي كما كان هناك تيار إصلاحي يؤمن أكثر بالتدرج..ولكلا التيارين حججهما ومنطقهما
والإختلاف هنا لايمس المبادئ بقدر ما هو اختلاف في أساليب التحرك ونوعية الحركات :

حول الإنقلابيين



حول الإنقلابيين :

إن الخطاب النقدي الثوري الإنقلابي خطاب مقبول عادة من الطبقات الإجتماعية المقهورة.. ومن كل مناهض للنظام القائم، وأيضا من كل الشباب المراهق ، والذي لم يبن بعد مستقبله، وهكذا نجد العديد من الجماعات الإسلامية لعبت على هاته الوتيرة لتكثير سوادها وأتباعها : فنجدها وقد بسطت الدعوة إلى الإسلام قد استقطبت العديد من الأميين والعاطلين وذوي الدخل المحدود والفقراء، ومن أجل هذا صارت وكأنها حركات طبقية تثير في أتباعها الحقد على كل من له علاقة بالنظام، لحد تكفير الحكومات وكل موظفيها..وكل بديلها ينبني على التخطيط للوصول للسلطة، أو للقيام بقومة عارمة تعصف بالنظام القائم، ومهما تكن حسناته فهي لاتركز إلا على السلبيات ..مما جعل الأنظمة ترى في وجودها خطرا عميقا فحاربتها في بعض الدول العربية لحد إعدام زعمائها..كما طوقت تحركاتها حكومات أخرى ..لكنها رغم ذلك ظلت قائمة في عقول العديد من الإسلاميين..لحد التنظيمات السرية والعمل بالكواليس ضد النظام.
وإن كان خطابها وعظيا يحث في ظاهره على الإلتزام بالشريعة فرادى وجماعيا ومجتمعاتيا..فإن كتابات العديد من زعمائها تستعصي على السواد الأعظم..ولا تلاقي قبولا ملحوظا في فكرنا الإسلامي، وعادة ما تفتقر أساليبها لعمق الفكرة وعلمية الإستنباط وأدبية التحليل ..والعديد من كتاباتها تبقى إنشائية لزرع الحماس اللازم لها،وذنبها الكبيرفي تعاميها عن كل حسنات الحكم القائم وجهلها ببعده الديني الإسلامي تاريخيا.. مما جعل بعضها تقدم لنا إسلاما رجعيا رافضا لكل مظاهر التمدن والحضارة باسم أو بآخر.لكنا لاننكر فضائلها في تخليق العديد من أتباعها بمبادئ الإسلام الأولى كالصلاة والبعد عن كل بؤر الردائل..
وتعد هاته الجماعات قوة عتيدة للأمة إذا ما غيرت هدفها من معاداة حكامها إلى معاداة أعداء الأمة..لأن كل الأنظمة القائمة اليوم في البلدان الإسلامية ولو كانت عمليا بعيدة عن الشريعة، فهي لاتناهض الإسلام وربما الجهل بحقيقته هو سبب تشبتها الكبير بالعلمانية..ولهذا ترى من يضرب في كل حسناتها متنطعا وانتهازيا همه السلطة لاغير.. وهذا مايبرر القبضة الحديدية للعديد من الحكام على كل تحركاتها لحد فصل أتباعها من الوظائف وسجن آخرين وعدم الإعتراف رسميا بها.
وقدأوصى العديد من الفقهاء بعدم طاعة هؤلاء الزعماء وسماهم بفقهاء الفتنة ، ومثلوا أخطارهم تماما كفقهاء السلطة الذين يبيحون مناكر الحكومات ويسكتون على بواطلها : »فالحذر إذن لازم من علماء السلطة وعلماء الفتنة معا » وكما جاء في الأثر : »سلطان غشوم خير من فتنة تدوم » وهناك العديد من الأحاديث الناهية عن مناهضة الحكام ما أعلنوا إسلامهم كما كان موقف إبن تيمية الإصلاحي من حكام عصره إنطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم : »أطيعوهم ما أقاموا الصلاة فيكم ».
ولهذا فإن هاته الجماعات الإنقلابية وإن كانت قد حققت العديد من المكاسب تاريخيا محققة بعض أهدافها،فإن خطرها داهم في المجتمعات الإسلامية التي تعرف بعض الإستقرار وتوجد بها حركات إسلامية أخرى تبنت الإصلاح لا الإنقلاب..وفي رأيها أن مجتمعاتنا لاتحتاج لهدم كامل ثم بناء جديد بقدر ما تعد كقاطرات فقدت مسارها قليلا، ويجب العمل على إعادتها لسكة الإسلام الصحيح والحضاري في ظل الواقع الراهن، وبكل تجديد... ولهذا فهي تؤاخذ الجماعات الإنقلابية على نقدها الشامل الشعاراتي ،والتصلب على الوصول للسلطة دون مراعاة خطر الفتن التي ربما أتت على الأخضر واليابس :كما هو حال العديد من المجتمعات الإسلامية التي تخالفت فيها الآراء لحد تشابك الأيادي والقتال بين المسلمين بل وبين الإسلاميين بكل دقة..فصارت مذهبيتنا الإسلامية متوترة بهاته التناقضات لتفقد وجهة العدو الخارجي إلى الإصرار على الخلاف الداخلي جاعلة من المسلمين العلمانيين هدفا رئيسيا، بينما العلمانية العربية وإن وجبت خصومتها فإن العداوة لها غير حكيمة :ونصف العلمانيين يملأون مساجدنا في كل الصلوات. فتشتتت المذهبية بين حركة فلان وجماعة علان، وكل متصلب لرأيه يرى فيه الصواب المطلق دون براهين علمية وفقهية ثابتة.مما جعلهم لايومنون بالرأي المخالف والإجتهاد المتنوع. ولا بدراسة أسلوب تفكير الآخر بما ذلك اللأنظمة القائمة..ليأخذ هؤلاء صفة المنكرين والمشينين لاالمصلحين الباحثين حقا عن البديل الإسلامي إنطلاقا من القرآن الكريم والسنة الشريفة بكل تجديد وحضارة .
فإصلاح أي نظام بالإسلام يقتضي :
ـ فهم ظروفه التاريخية وموقفه من الإسلام
ـ الوعي بالضغوطات الخارجية عليه للبقاء على علمنته
ـ فهم مشاكله الحقيقية داخليا وخارجيا
ـ دراسة كل تياراته السياسية والثقافية والإجتماعية
ـ الوعي بنظامه الإقتصادي
ـ البحث عن أسباب ابتعاده عن تطبيق الشريعة.
فللإصلاح إذن مداه العالمي والتاريخي وإلا فلن يزداد الإشكال إلا تشكلا وخطورة ..وللسياسة اليوم علوم واجبة قبل أن ننادي ببديلنا السياسي :
ففي الوقت الذي يفرض النظام نفسه بتسلسل تاريخي ونظرة حضارية كاملة عليها العديد من البصمات الإسلامية ،يقفز بعض المفكرين متقمصين الدفاع على الشعب وعلى الإسلام نافين الفرق الكبير بين الدول الكافرة والدول التي أرغمتها الظروف التاريخية والمعاصرة على التنكر لبعض نصوص الشريعة خصوصا..فيعاملونها كدولة كافرة بإطلاق ..وعوض أن يدرس هؤلاء المفكرين اجتهاداتهم مع أولي الذكر والعلم :نجدهم ينزلون رؤاهم للجماهير لتشكيل جماعات مناوئة للنظام بآراء أحادية ، في الوقت الذي تكون الدولة أعلم بحدود هذا الإجتهاد : بما في ذلك سواد هانه الجماعات الذي يجمع بين الصالح والطالح والمومن والمنافق والمصلح حقا والإنتهازي والمستقيم والجاهل بالأبجديات الأولى للإسلام. والمشحون فقط بالشعارات الثورية والحماس الزائد.مما جعل السلطات الرسمية تقمع هاته الجماعات دون مراعاة لحسناتها كذلك :
فـ : »قف على كرسيك لأحكم مكانك » شعار دنئ لايمت للإصلاح الحق بصلة ،وارتكاز أناني على تقديس الذات والرأي الشخصي والفهم الأحادي وقنابل فاتنة : « والفتنة أشد من القتل ».

مع النظاميين



مع النظاميين :

وإن الحركية داخل أي مجتمع مسلم يجب أن لاتقصي أي مسلم، وتكون في جوهرها ملكا لكل المسلمين لاحركة لبعضهم دون الآخرين..والغريب أن العديد من حركاتنا ترسم إطارها الخاص دون مراعاة ولا دراسة متأنية حتى للحركات التي سبقتها، مما جعلنا نجد بعض الجماعات الناجحة حقا أعلنت اختصاصها ولا تدعي الشمولية بل اختصت فقط بالدعوة مثلا لأولى مبادئ الإسلام كجماعة التبليغ أو للتربية الروحية كما حال الزوايا الصوفية أو لمناقشة الفكر الإسلامي كما حال نوادي الفكر الإسلامي ..والتي لم تدخل كلها في صراعات سياسية وإن كانت تمارس الوعي السياسي..إلا أن ا لمشكل يكمن في بعض الحركات السياسية الإسلامية التي اقتصرت على تنظير ما.. وألزمت أتباعها به برفض كلي لكل من ينتقده ولو عن صواب : فكان هناك قالب حزبي سابق أصبح أكثر من مقدس مما جعل هاته الحركات لاتقبل التنوع داخلها ولا تخلق إطارا لكل الإسلاميين الأمر الذي أسقطنا في ذنب قوله تعالى : » كل حزب بما لديهم فرحون » بل ولحد امتلاك الجماعات الإسلامية لأفراد معينين وبأفكار أشخاص محددين يحرمون القراءة لمن سواهم..وهاته الجماعات تبقى ضعيفة الوعي أمام السلطات التي لها أطر ذووا كفاءات عليا تؤكد علميا مدى قصور فهم هاته الجماعات التي تدعي الشمولية رغم قصورها ورغم نقد العديد من العلماء والفقهاء البارزين لها.
فنجد من هاته الجماعات من تضم في أحسن الأحوال كثلة مفكرين لهم اتجاه واحد وأهداف جد محدودة وغالبا ما يصلون بهاته الطريقة لبعض الأهداف التي رسموها ككل الأحزاب، لكن بنفيهم لأي اتصال مع الآخرين..وهكذا يصلون بسرعة حتى للسلط المدنية كالبلديات والبرلمان.وربما الحكومات...ليمثلوا حالة خاصة بين الإسلاميين...لكن لتزيد منهم الجماعات المعارضة للنظام سخطا وغيبة :إذ يتساءلون » كيف ساغ لهم هذا التسرع ليتصدع بذلك جسم المعارضة الإسلامية ،لحد اتهامهم بالعمالة للنظام وتكسير الجسم الصلب لمعارضة الجماعات الإسلامية؟ »..
وهؤلاء لهم وجهتهم الخاصة التي يجب أن تحترم،فهم :
ـ لايومنون بالقومة التي تنادي بها الحركات الإنقلابية
ـ لهم موقف غير متصلب من النظام الحاكم
ـ يساندون السياسة الرسمية بالإكتفاء فقط بنقد بعض عوراتها ومعارضة بعض تشريعاتها التي تناقض الشريعة بكل وضوح.
ـ يومنون بالديمقراطيات كوسيلة للتغيير باسم الإسلام
ـ لايناهضون العلمانية في جملتها
ـ لهم علاقات حميمية مع النظام
ـ ركزوا على المناداة بنفس الحقوق الحقة التي ينادي بها السياسيون العلمانيون كحقوق الإنسان والمرأة والعمال والطفل والموظفين
ـ لايثيرون المواضيع التي تثير سخط النظام
ـ يومنون بالتدرج
ـ يومنون بنجاع تراكم التجاريب
ـ لهم أطر لها ثقلها في الدولة
ـ إنتماء العديد من العلماء البارزين لمنطقهم
ـ واقعية اجتهادهم رغم أنهم قولبوا موقفهم الإسلامي على الواقع ولم يحاولوا قولبة الواقع لمبادئ الإسلام السياسي كما شأن الجماعات الأخرى
ـ احتواؤهم للعديد من الوصوليين والتسلقيين و »المنافقين » كباقي الأحزاب العلمانية
ـ تيسير النظام للعديد من تحركاته
ـ اتخاذ النظام لهم كورقة مساندة ضد الحركات المومنة بالقومة العارمة
ـ استياء العديد من الإسلاميين من مواقفهم لحد اتهامهم بالعمالة .
ـ نجاحهم في إقناع العديد من الأطر الحزبية والكفاءات لمساندتهم
ـ عمق مستويات تحليلهم الفقهي والفكري..
.......وزد على ذلك كل الحسنات الواقعية التي يصفق لها كل معتدل وكل السيئات التي غالبا ما تقع فيها مثل هاته الأحزاب في بدايتها ،لكنهم بحمد الله حققوا العديد من المكاسب : » كإيصال الصوت الإسلامي لأعلى الهيئات والمؤسسات.. واختراقهم للعديد من مؤسسات الدولة..ونجاحهم في تغيير العديد من المناكر على المستوى الأعلى.. » لكن الكمال لله ولا ريب في أن هؤلاء أيضا لهم من الحسنات الكبرى ما استفادت منه حتى الحركات المناهضة لهم من إسلاميين وعلمانيين على السواء..دون أن نتناسى سلبيات تياراتهم.
وهكذا يتضح أن لكل من « الجماعات المناهضة للنظام والحركات المساندة بتحفظ » سلبياتها وإيجابياتها التي من الواجب عليها الإستفادة منها أولا قبل أي تيار آخر .

بين وبين


بين وبين :

بين الحق والباطل :الحق مبدأ،.. وبين الخيروالشر : الخيرشعار..لكن بين النظام واللانظام تبقى كل الأمور نسبية، فإن كان النظام كله حق وخير للمسلمين فالخروج عليه خروج عن الملة ،وإن كان النظام كله شر وبواطل فمؤازرته شيطنة « والساكت عن الحق شيطان أخرس » لكن أنظمتنا في البلدان الإسلامية ليست مطلقة في حقها ولافي باطلها..ولهذا وجب مؤازرة الحكام في حقهم ومعونتهم للتخلص من هفواتهم وهذا دور العلماء أولا لكن بمساندة كل مسلم.. فالنصح واجب والأمر بالمعروف والنهي على المنكر فرضان على كل مسلم مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : »من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » وقد عقب العديد من الفقهاء بأن :
ـ التغيير باليد لأهل السلط
ـ والتغيير باللسان للعلماء وصالح المومنين
ـ والتغيير بالقلب لمن ليس بمقدوره غير ذلك
كما أن هناك العديد من الآيات الحاثة لكل مسلم على الجهر بالحق دون مخافة أي لائم، وقد سطر التاريخ الإسلامي مواقف جليلة للعديد من علمائنا الأجلاء الذين جهرو بظلم الظلمة أمام الظلمة صابرين على كل معاناتهم..وهذا باب كبير من أبواب الإصلاح..
ولهذا فإن المبدأ في النظام الإسلامي هو التقويم بالنصائح أولا لحد الشد على أيادي الظلمة أخيرا..وهكذا وجب على أي تيار إصلاحي التمسك بآداب التغيير وتقديم المواعظ والنصائح لتقليص الشرور ومحاربة البواطل التي لها العديد من الشروط كـ :
ــ التأكد من زيغ الحاكم
ــ التأكد من صحة الإجتهاد
ــ تقديم النصيحة بكل لين فهذا الرب سبحانه وتعالى يقول لموسى وهارون وهما النبيان المرسلان للطاغوت فرعون : » فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى »
ــ الجدل بالتي هي أحسن لقوله تعالى : »وجادلهم بالتي هي أحسن ».
ــ مخاطبة كل بلغته لقوله صلى الله عليه وسلم : »خاطبوا الناس على قدر عقولهم »
ولهذا فإن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة آداب رفيعة في الإسلام .ولهذا وجب على العاملين في الحقل السياسي الإلتزام بـ :
ـ فهم أسلوب الساسة في الحكم
ـ دراسة العلوم السياسية حتى تكون لهم رؤيا شاملة عن نظام الحكم
ـ تقديم نقد علمي للثغرات التي يراها في النظام مع التأكد من صحة نقده فقهيا
ـ دراسة الواقع فلكل فتوى ظروفها
ـ تقديم النصيحة لا الأمر بها، وتغيير المنكر لا إنكاره فقط ..والأمر بالمعروف :وهنا لزم الأمر لأن المعروف هو ما يعرف كل الناس أحقيته وبطلان ما سواه..
ـ فتح هوامش عديدة ونوافد كثيرة للوصول إلى توافقات إن أمكن نحو التغيير التام للمناكر والبواطل بكل تدرج مما يلزم بعدم التسرع .
ـ حكمة الفعل ومنطقية الفكر
ـ الوعي بأسلوب تفكير الحكام وبثقافاتهم
ـ عدم إقحام العامة ضد الحكام إلا بفقه سليم وضرورة ملحة وممنطقة فقهيا
ـ عدم استغلال الناصح حركته للنداء بنيل السلطة كما الأحزاب العلمانية كلها
ـ رحمة الشباب بعدم إقحامهم في صراعات تفوق مستواهم وتزعزع استقرارهم الفكري والنفسي وتألبهم كليا ضد الحكام لاتخادهم وسيلة ضغط سياسي
ـ الإلتزام بقوالب النظام وقوانينه نحو البديل الإسلامي بكل حكمة
وإلا فإن هاته الحسنة ربما صارت من أكبر سيئاتنا.
ولهذا فإن الحكمة لا توصي بالإعتماد على العمل السياسي إلا نسبيا ..وبحكمة الإعتراف بكل حسنات النظام قبل التعليق عن هفواته .. ولهذا كانت دائرتنا بين وبين ومع وضد ..وحتى يتسنى ذلك لابد من مشروع يعتمد نقدا حقا علميا وإلا فلا إنصاف لنا.

حول الطاغوتية



حول الطاغوتية :

وإن العدو الحقيقي للمذهبية الإسلامية هو الإمبريالية المحاربة سرا وعلانية لديننا الحنيف، وهي الطاغوت الأكبرالذي يجب أن نستعد له أيما استعداد بإبليسه اليهود الذين لهم هدف بين وهو السيطرة على كل العالم وقد قدروا على ذلك وأمالوا كل العالم لسياساتهم الإستكبارية وركع الكل لمخططاتهم ولم يقف أمام تحقيق مطامعهم إلا المسلمون وبكل دقة الإسلاميون الذين يعلمون يقينا أن لانصر لليهود علينا إذا ما تمسكنا بديننا الحنيف وأعلناها قومة إسلامية عالمية على اليهود وعلى كل الواجهات : وهذا ليس بالأمر الهين وهم يحاربوننا بمشروع صهيوني كامل وحركات ماسونية وصليبية متماسكة فقد توحد كل العالم معهم ضدنا والمسلمون والعالم الإسلامي كله في مأزق اليوم وأمريكا تعصف على كل من تقوى عوده أو إيمانه فينا بتهمة الإرهاب وغيرها من التهم ..وهاته هي الطاغوتية الكبرى التي يجب الإستعداد لها استعدادا حضاريا كاملا.. فالتفوق الغربي اليوم علينا ليس تفوقا عسكريا فحسب بل هو تفوق في العديد من الميادين وله استراتيجيات وسياسات عميقة لاستقراره والإبقاء عليه. وذلك لن يتم إلا بقبضة حديدية من الغرب على العالم الإسلامي الذي صار العدو الموحد لليهود والغرب كله.. بل وزد عليهما كل من يرى في الإسلام خطرا يهدد العالم كما سرب اليهود ذلك للغرب من زمان .
فنحن إذن أمام طاغوت إمبريالي لايرحم نساءنا ولا أطفالنا اليوم ولن يرحم ضعفنا غدا ولن يتوانى على حربنا.. وهو يرى فينا الثقافة المضادة التي يجب تطويعها طوعا أو كرها لمصالحة، وقد تحقق له ذلك مع سياساتنا الرسمية لكن العائق اليوم أمامه : ليس حكام المسلمين بل المومنين فينا بالمذهبية الإسلامية كمستقبل لازم لكل الإنسانية.. ولهذا فهو يضادنا لأنه يرى أن حضارته أولى بقيادة العالم من تخلفنا الذي يراه على كل الواجهات.. ومن ديننا الذي شوهته الصحافات العالمية بإيعاز من اليهود كما شوهت مظهره الحضاري العديد من جماعاتنا القاصرة ثقافاتها ..
فأمريكا طاغوت يجب الإستعداد لربء كيده
وإسرائيل مغتصبة يجب تكبيل ظلمها
والغرب كله يرى فينا عكسه ومصالحه تملي له بالقبضة الطاغوتية على كل العالم الإسلامي..
وهم يعلمون علم اليقين بأن المسلمين ليسوا كلهم ضعفاء، بل هناك من قوته بقلبه ولا يرضى الذل حيا أبدا والعمليات الإستشهادية للإسلاميين في فلسطين وأمريكا وغيرها وإن كانت قد أربكت كل حسابات الصهاينة فإنها غير كافية لتحقيق بديل أمتنا العملاقة، والتي يلزمها أيضا قومة حضارية عملاقة.. وإلا فلا خلاص من هاته الطاغوتية الغربية الممنهجة بنظام اليهود العالمي الجديد، الذي يعد أكبر قيد ضدنا : فهم يحاولون تحقيق استقرار شامل ليجمدوا به استعمارهم العسكري والإقتصادي بل والحضاري على الأمة.. والإسلاميون يرون بأن هذا الإستقرار طاغوت أكبر يجب الإستعداد له.. وإن خسرنا جولاته الأولى فلا بد للحق أن ينتصر ولو بمعجزات سماوية : »ولا تدري لعل الله يحذث بعد ذلك أمرا »
فنحن إذن أمام طاغوت عالمي هو العدو الأول أما الأنظمة العربية والمسلمة التي تجثوا على أعناقنا اليوم فليست بالعدوة الأولى : بل هي أيضا في نفس مصيبتنا، ويجب أن يكون الإسلاميون حكماء في دعوتهم للمذهبية الإسلامية ..ولن يتم ذلك إلا إذا أقنعوا الحكام أنها ستحقق طموحاتهم الكبرى في شعوبهم..ولهذ فإن القومة السياسية ضدهم غير كافية مهما جاروا بل للإسلاميين مهمات عديدة لإصلاح أنفسهم »فكرا وقلوبا » قبل مجتمعاتهم والتصالح مع أنظمتهم وإلا فلا ريب في تدخل الغرب كله لإنقاد حاكم يرونه رمزا لسياستهم.
فالعقدة إذن سميكة ..والمشكل عويص..وتأليب الشباب على الحكام للوصول للسلطة بشعارات فضفاضة لايجدي أمام القبضة الحضارية المحكمة للغرب على رقاب الحكام المسلمين..فالعديد من حكامنا مجبر على التقيد بالسياسات الدولية وإلا فإن في مقدور الغرب الإطاحة بأعتى أنظمتنا في بضع شهور وخلق فتنة شعبية عارمة داخل أي بلد إسلامي ..
وفي حالة طاغوتية هذا النظام ومحاولة وأده لهاته المذهبية بكل كفر بالبديل الإسلامي، فهاهنا الحذر الكبير حتى لانسقط في فتنة أكبر تغير مجتمعاتنا إلى مستنقعات لحروب أهلية يفقد فيها حتى الإسلاميون منا كل منطق : ليسقط الأبرياء وتتشابك أيادي المسلمين فيما بينهم فتكون هاته المذهبية نكالا علينا لاخلاصا لنا ..لهذا فإن الدعوة إلى الجهاد السياسي أمام طاغوتية الحكام له وظيفته الشريفة :وذلك بتبني المسار السياسي لكن بكل تماسك بين كل الحركات الإسلامية :لإصلاح النظام عبر كل ماهو عادل خصوصا أن الغرب نفسه يمهد لمثل هاته المنافسات الديقراطية التي لا يراها إلا لصالحه.ولن يتم ذلك إلا :
ـ باتقاء التفرق باسم المذهبية الإسلامية : » ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون »
ـ باتقاء التصادم كما قال الله عن اليهود : »بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى »
ـ التلاحم الكلي : » واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا »
ـ اتقاء كل الأمراض الحركية والسياسية :ك « المصلحية ، والتسلقية ، والوصولية ،والنفاق السياسي، والوعود الكاذبة، والإخلال بالمبادئ..والعمالة ..وغيرها »
دون أن ننسى بأن العودة بحكمنا للحكم بما أنزل الله دعوة نخبوية لاتقحم الجماهير إلا في آخر المطاف والحل السياسي هو آخر الحلول لا أولها كما تدعي العديد من حركاتنا :ففرق كبير بين إعلاء كلمة الله بين المسلمين وبين اتخاذها كأدوات للتسلط على المسلمين .

زبدة القول



زبدة القول :

وهكذا يتبين أن الحرص على مؤازرة نظمنا بالتي هي أحسن أولا هي الحكمة البالغة، والحرص على الرجوع بحكمنا للشورى الإسلامية واجب لكنه يتطلب العديد من الشروط، والحل السياسي لايعد حلا كاملا بل هو الحل الأخير في حالة نفي السلطات الرسمية لكل المذهبية الإسلامية ..لأن العدو الحقيقي ليس هم علمانيونا بل العدو الذي يجب أن نركز عليه كل الجهود هم اليهود المآزرين بكل النصارى بل وكل ما سوى المسلمين عدا المبدئيين والعلميين في كل العالم.
وهاهم اليوم يقاتلوننا في الدين لأنه سلاحنا الوحيد للم كل صفوفنا وحل كل مشاكلنا وإرجاع كل حقوقنا بكل عزة وكرامة ..وهذا يتصادم مع كل الحركات العالمية كالصهيونية والماسونية والصليبية وغيرها من الحركات السرية والمخابرات الرسمية التي خططت ولا تزال تخطط لتبقي على العالم الإسلامي دوما في أسفل سافلين..بل وتسعى لتوطيد تخلفه عن كل الركب الحضاري ولو أدى ذلك بهدم كل البنيات التحتية لكل البلدان الإسلامية التي تعرف بعض الإزدهار..فالعدو إذن قوي وحدق ويتربص بنا كل الدوائر..ولهذا فإن الإستعداد لدرء هذا التحدي الحضاري لن يتم إلا بتحد حضاري مماثل وهذا لن يتم بدون تخطيط علمي معقلن رزين وواقعي.. كما أن الإنهزام العميق الذي تعيشه اليوم الأمة على كل الواجهات لن ينهدم ليتحول إلى نصر بين عشية وضحاها، بل يجب العمل على المدى الطويل ،وتوريث التخطيط لأجيال وأجيال.. خصوصا أن المسلمين إذا ما انتصروا فليبنوا لاليهدموا.. وإن كانوا يسعون لقومتهم فلصالح كل الإنسانية.. ولسلطنة الحق والخير عكس تماما الذين يسعون في الأرض فسادا، ولا يسعون إلا للعلو في الأرض..فاليهودية أكبر داء والإسلام أكبر دواء منها لكل العالمين.. ولن يتعايش الحق الإسلامي والباطل اليهودي إلا بتقليم أظافر الصهاينة من كل عقائدهم الخبيثة والتي تتربص بكل الإنسانية الدوائر : »وما النصر إلا من عند الله » والسبب واجب والتوفيق من الله وحده : » وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم » وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم « ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره »
فلنغير ليغيرنا الله.. ولننصر الحق لينصرنا الحق..لكن بكل حكمة وبنفس طويل وبكل حفاظ على تلاحم كل المسلمين حكاماومحكومين...فالعلمانيون وإن خاصمونا فليسوا أعداءنا.